الأحد، 26 أكتوبر 2014

بدر بن عبدالمحسن.. أزيز.. كأزيز الشعر!!

(قراءة أدبية)
بقلم: علي المسعودي

بدر بن عبدالمحسن..
أزيز.. كأزيز الشعر!!


صمت مطبق..
سكون تام.. في الزمان والمكان
ركود أصم.. في المعنى وفي الروح
موات يكاد.. في المادة، وفي الجوهر
الما ركـد، والجريد الغض .. ما هـزّه  نسـايمٍ والـزمـن لا جـا ولا راحي

صفحة الماء من الحياة لم يتغير فيها شيء، ولم تهب نسمة تحرك جزءا من غصن، ولم تغازل سعفاً.. ولاجريدة..
والحياة لا تحتاج أكثر من حجر.. تطوحه يد خفيه.. لتبدأ الدوائر لعبتها..
وأكثر من كتب عن الدوائر هو بدر بن عبدالمحسن إذ كتب مرة (ما باقي من السفر إلا دوائر) تنطلق وتعود إلى نقطتها الأولى..
هذه اعتمالات الولوج الأول في القصيدة التي بين أيدينا.. وذلك كان استهلالها العذب المؤلم..
وكم من العذوبة في الألم.. بل كل العذوبة في الألم..
ومن لطائف القصيدة أنها تنهمر في إطلالتها تعبيررا عن السكون.. لكنها تنتصر في قافيتها لحرف "الزاي" الأبرز والأوضح صوتا والأعلى ظهور بين الأحرف.. كأنما هو نذير سرب شعر يمر له أزيز كأزيز النحل..
وولقافية دلالتها.. وأبعادها.. وهنا تحيلنا إلى آية كريمة تبدت في فواصلها ضخامة وقع حرف الزاي.. وذلك في سورة مريم: (ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزّا) 83
وهذه الذائقة الشعرية الذكية التي دفعت البدر إلى استجلاء الصوت في الحرف.. ليكسر صمت المكان... ويزلزل حظا جامدا إلا من حركة مفاجئة لاتطول.
والقصيدة تحمل عنوان (سيد الناس).. ويتناول الشاعر فيها معنى خفيا لا يجليه.. لكنه يلمح إليه... ذكره صراحه، لكنه لايبديه تماما.. كعادة شعره.
قصيدة عن (الحظ).. بدءا من البيت الثاني تتشظى بالمعنى، وتشف عن ألم شاعرها الخاص..
جمحت يا مهر حظي وأثر بك فـزّه    ما طـوّلت كلها غـارة ومشـواحي

كأن مهر الحظ يسابق مهر القصيدة.. ويحمى وطيس الوصف، أما روي البيت الشطر الثاني فيتجلى بحسرة الحاء المجرورة بمد الياء.. كأنما هي جرح غائر، كأنما إحساس بالحريق.. كأنما هي صرخة حديد ساخن انسكب فوقه الماء، وهي أشبه بجلد لامسته جمرة الحزن.
ومأاصعب أن يكون الهم.. حارسا للهمّة!
وما أوجع أن تحمل رمحا.. لاتجد من تحاربه فيه.. وذلك الحظ.. السلاح الأقوى.. لكن ضد من؟
يسأل الشاعر:

لو لو كنت رمحٍ ٍ بكفّي كنت با هـزّه   لاشـك من هـو عليه أهوش بسلاحي
والأكثر وجعا أنك عندما تبحث عن أعلى قمة تطل منها تجدها قمة جروحك المتكدسة.. وجماجم الزمن التي تجمعت في قلبك.. فصارت جبلا من الموات القديم.. فأين ترفع راياتك ياشاعر الحزن، وفي أي مكان ستنصب أمجادك؟

ولو كنت بيرق عقيدٍ ويـن أبا رزّه     وأطـول طويلٍ أشوفه .. هضبة جراحي

تلك كانت الاستهلالات المفترضة، لمناجاة شاعر إثر حديثه مع نفسه، عن نفسه..
ليبدأ بعدها الوصف "البدري" الأخاذ.. لحالة غير ممكنة أحيانا، غير متاحة باستمرار، تعاند الوقت، وتراوغ الانتظار.. اسمع أيها الحظ الكريم.. اللئيم:

يا سـيّد الناس .. شمسك مالها حـزه    تعبت أمـاري بشمعي وضي مصباحي
من مس نورك جبينه يبشـر بعـزّه      ومـن مـر غيمك عتيمه بارقـه لاحي

اسمعنا.. فقد سمعناك طويلا.. ونعرف كم هو محظوظ من تناله بنفحة منك، أما أنا فقد تعبت وأنا أتحلى بخفوتي، وأنا أسرق من الزمن إطلالة نور.. لاتعدو كونها شمع آهل بالذوبان، ومصباح.. آيل للاضمحلال..
أما أنت.. يا حظ، فشمس تشرق في جبين متعكر.. فيرى فيها الناس العزة
وغيم.. يسح ويهطل.. فتحول جفاف البشر إلى نماء وجنان غناء..
لكنك ياحظ، غريب الأطوار.. عجيب التصرفات.. تكسو الجميع بجلالك دون تمييز.. وتنعم على الكل ببهائك دون فرز.. فلكم نعد نفرق بين البديع والوضيع..
(يا سـيّد النـاس .. كلٍ لابس ٍ بـزّه     صعبٍ نفرّق ما بين الخبل والصاحي)
ولك يا حظ إشراقات غريبة عجيبة.. حتى ظن الصغار وأنت تنميهم أنهم طاولوا الكبار، إذ يظن هذا الصغير ظنا ليس حقيقيا.. فهو يدعي أنني أطالعه..!!
كم واحدٍ مـر .. قال عيـوني تخـزّه    هو ما درى إني عمى عن قاصر أشباحي

أما الحقيقية.. فهي..
أنـا عيـوني تتـل النجم .. وتكـزّه       عن حـارك الفلك .. هذي عادة رماحي!

لكني يا حظ، لن أنتظرك.. بل سأذهب إليك، أعرف أنك لن تأتيني.. لذلك سأذهب لأقف في طريقك..
وسترى من يتعب أكثر..
ستدوخ معي أيها الحظ.. لأنك تسعد بشرا همومهم يجدونها في الأرض.. فكيف بك مع رجل تدور همته في الأفلاك البعيدة..
وما ألوم حظي .. تعب من كثر ما دزّه        لو هـو لغيري . .نسـاه الهم .. وإرتاحي
...

وما أتعس حظ يقع عند مالايقنعه المتاح، ولا يهدأ بماينال..

تلك كانت استجلاءات للمعاني الجميلة في واحدة من أجمل قصائد البدر التي أخذت القالب التقليدية، لكنها احتوت التصوير التجديدي.. وجاءت متزنة وموزونة.. مثل سفينة من الثقة تعبر بحور الشعر.. وتأزها أزا..
وهكذا هي عاد هذا الشاعر الكبير.. صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز، فهو من شعراء الندر الذي تتحقق في قصيدته جملة التقاطات تجتمع - ونادرا ماتجتمع عند غيرؤه - إذ تجد الفخر بمفردات هادئة، وتقرأ الحزن بكلمات غير مستسلمة، وتطالع الاحتجاج بروح يقينية..
ومن أجمل ماتحقق في القصيدة هو التقارب الللفظي، والتجانس الكلمي الأخاذ.. حتى كأنك تشعر أن الكلمات كلها من عائلة واحدة، من ذات الأم والأب،

وهكذا هو الحضور البدري.. وإشراقاته الأجمل

مجبل الديحاني الدخول في ضوء العتمة

قراءة

لحظة ذوبان الحديد على طرف سيجارة

مجبل الديحاني الدخول في ضوء العتمة



لحظة اقتناص نادرة وبديعة وخاطفة تلك التي يلتقي فيها الإحساس بالموقف والتفاعل معه بصدق واكتشاف أسبابه بوضوح، ثم توفر الوقت للتعبير عنه دون موارب،ه ثم استدعاء اللغة المناسبة للحدث تماما بتسلسل، مع تحقق الترتيب المنطقي المقنع وبمفردات تصويرية دقيقة تخاطب الخاص والعام.. بقضية تلامس الجمهور أو معظمه، وأخيرا أن تتهيّأ للقصيدة الظروف والوسائل التي توصلها للمتلقي
انظر كم من الخطوات المتوالية المتتابعة التي يحتاجه المبدع كي يصل جذوة الشعر، ويستظل بلهيبها الأخاذ
لكن المشكلة أنه عندما يتم ذلك فـتأكد أن الشاعر قد وضع نفسه في مأزق ثقافي كبير.. لأنه يكون قد أنتج قصيدة ربما تكون حجر عثرة في طريقة.. لأنها ستلقى القبول لدى المتلقي والانتشار لدى محبي الشعر فيصبح تعريفه من خلال هذه القصيدة دائما (صاحب قصيدة كذا) وبعد أن يفرح بالانتشار ومعرفة الناس، يسعى لإنتاج قصيدة تفوق أو تعادل في نجاحها نجاح تلك.. لكنه يفاجأ أن الناس وإن قبلت الجديد فإنها ماتزال متمسكه بالقديم.. ويظل تعريفه بالقصيدة ذاتها.. فمساعد الرشيدي حاول تجاوز قصيدة البدايات "سيف العشق" بكل الأشكال، وفي النهاية استسلم لجبروتها وأسمى بها ديوانه الشعري، وهو ذاته ماجعل بدر بن عبدالمحسن يرضخ لضغوط قصيدته الشهيرة أنا بدوي  وإن تحايل في عنوان ديوانه الثاني فأسماه رسالة من بدوي.. وقصيدة بدر بن عبد المحسن هذه هي الدليل الأقوى والبرهان الأدل على سطوة قصيدة من هذا النوع، لأنه الشاعر الذي انتشرت واشتهرت له قصائد لاحصر لها، إن لم يكن من خلاله مباشرة فمن خلال حناجر المطربين ولاحاجة لعد تلك القصائد الكثيرة التي يعرفها له الناس خاصة عبر أصوات مشاهير الغناء، لكن قصيدة أنا بدوي استطاعت شق الصفوف ووصلت بلاواسطة صوتيه وأصبحت مطلب جمهوره في أماسيه الشعرية خاصة في أواخر الثمانينيات.. حتى صار الشاعر وهو يلقي قصيدته يعرف تماما عند أي أبياتها سيصفق الجمور وعند أيها سيشعل الصالة تصفيقا، وفي أي وقفة .. حتى أنه حرص مرات على إلقائها في منتصف وقت الأمسية كي يجدد نشاط المتلقي وتفاعله معه..
كل هذا التداعي حضرني وأنا أقرأ قصيد للشاعر مجبل الديحاني أقدمها كاملة:

ذاب الحديـد مـن اللهب والحـراره
وانا تحت نارك لى سنيـن ماذبـت 

ونارك ماهى نار وبدت من شـراره
نارك تواقد مـن حنايـاى لاغبـت
تشربنى الوحده وانا اشـرب زقـاره
وانفخ على وجه الليالى مـن الكبـت
صرت اشبه بحزنى عمـود الانـاره
انا المضئ بعتمتى كـل ماارتبـت
روتين مزعـج واستيـاء ومـراره
واحساس غربـه لاطرالـى تعذبـت
مرات احس صدرى من الضيق حاره
ماتـوا اهلهـا والعصافيـر والنبـت
ومرات احس قلبى معك فى انكساره
مثل انكسارى بالدعا كـل مااذنبـت
انا الغريب اللى سكـن وسـط داره
وانت الوطن واشوف نفسى تغربـت
قربك خيارٍ لـو ملكـت اختيـاره
ماشفتنى برفـوف هجـرك ترتبـت
ضاعت معاك ايام عمـرى خسـاره
ولاغاديٍ ويـاك شـرّي ولاطبـت
كان آخر اخبـارك تجـي فـى زيـاره
ياليت تدرى يوم موعـدك وش جبـت 

اذكرك قلت: السبت! وطـال انتظـاره
مرت على سنيـن.. ولامرنـى سبـت!

في هذه القصيدة الفذة والخاطفة مثل ضربة صقر لطريدته في الفضاء، يأتي الشاعر مجبل الديحاني بحالة إبداعية متجاوزة وممهورة بموهبة حقيقية وإحساس عال بالكلمة وبالشعر وبالشعرية.. فيكتب بأحاسيس متوقدة كل هذا الهيب المختزل في محب مفارق ينتظر وقد دس كل آلامه في زفرة دخان.. يشربها، فتشربه الوحه، ثم تتداعى ذكريات الحب ومرارته.. حتى تكبر هوة الكهف فتبتلع الحيياة كلها، إذ يضع الشاعر كل العمر في "كبسولة" تصبح هي الماضي والحاضر والمستقبل، حتى يكاد يصبح هذا الحزن هو فرحه الوحيد، وهذا الضياع هو هداه الأوحد، والوجه الغئب عنه.. هو كل الوجوه في الدنيا..
وانت الوطن واشوف نفسى تغربـت
قربك خيارٍ لـو ملكـت اختيـاره
ماشفتنى برفـوف هجـرك ترتبـت
ضاعت معاك ايام عمـرى خسـاره

بل إن الدنيا لاتضيء إلا بالدخول إلى عتمة هذا الاختيار.. وأكثر من ذلك فإن الأيام التي لايكون فيها.. لاتكون!


اذكرك قلت: السبت! وطـال انتظـاره
مرت على سنيـن.. ولامرنـى سبـت!
ما أجمل هذه القصيدة يامجبل.. وما أروع هذا الحزن الجارح.. الكاوي مثل حرارة دخان سيجارة كثيف في صدر موجع وغريب..!

لكني أخشى أن يعاني مجبل من هذه القصيدة طويلا..



الأحد، 19 أكتوبر 2014

قراءة في قصيدة سيف السعدي


سيف السعدي.. وأوجاع صحبة الغدر
ﻭﻻ‌ ﻳﻘـﺪﺭ ﺍﻟﻌــــﺎﺭﻱ ﻳﻐﻄﻴﻚ بثياب!!

علي المسعودي


يقول الشاعر حسان بن ثابت رضي الله عنه:
وَكُـلُّ أَخٍ يَقُــولُ أَنَـا وَفِـيٌّ

وَلَكِـنْ لَيْـسَ يَفْعَـلُ مَا يَقُـولُ

سِـوَى خِلٍّ لَهُ حَسَـبٌ وَدِيـنٌ

فَذَاكَ لِمَـا يَقُـولُ هُوَ الفَعُـولُ

وفيما ينسب إلى الشافعي رحمه الله قوله:
سَـلامٌ عَلى الدُّنْيـا إِذَا لَمْ يَكُـنْ بِـهَا

صَـدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِفَـا

والصديق المخلص في صداقته نادر جداً في هذا الزمان فعلى من ظفر به أن يتمسك به ولا يفرط فيه .ومن الحكم المنسوبة للإمام علي كرم الله وجهه ورضي عنه "ابذل لصديقك كل المودة ولا تبذل له كل الطمأنينة وأعطه من نفسك كل المواساة ولا تفض له بكل الأسرار"

وقال ابن المقفع:الأخ نسيب الجسم والصديق نسيب الروح.
وقال أفلاطون عندما سئل عن معنى الصديق: هو أنت إلا أنه غيرك.
وقال أرسطاطاليس:الصديق قلب تضمن جسمين.
وهنا يتناول الشاعر الشفاف والمبدع سيف السعدي زاوية مهمة من النصح عبر قصيدة جميلة وصادقة وصافية تتضح فيها الرؤية تماما، فهو يحدد شكلا خاصا من الأصحاب، يبين ملامحه وتصرفاته  ويحذر منه تحذيرا بالغا لأن ضرره أكبر من العدو.. ويبدأ قصيدته مباشرة بتوضيح المقصود إذ يقول:

ﺍﻟﺼــﺎﺣﺐ ﺇﻟﻠﻲ ﻣﺎﻳﺮﺍﻋﻲ ﺷﻌﻮﺭﻙ
ﻭﻻ‌ ﻳﺼﻮﻧﻚ ﻓﻲ ﺣضـﻮﺭﻙ ﻭﺍﻟﻐﻴــﺎﺏ

هذا الذي يسمى صاحبا تجاوزا والذي يمتلك هاتين الصفتين وهما عدم مراعاة مشاعر الصديق بما ينطوي ذلك من أنانية ولامبالاة وتكبر وعدم مشاركة، ثم الصفة الثانية المتمثلة في أنه يستبيح صاحبه سواء في حضوره أو غيابه فلايحفظ كرامته ولايكتم سره ولايذب عن عرضه..
وبعد أن يوضح صورة الصاحب يبدأ الشاعر بسرد مرارة الشعور تجاه هذا النوع من البشر.. ويحذر منه تحذيرا شديدا.. وأول التحذير هو:

ﻋﻠﻴــﻪ ﻻ‌ ﺗﻜﺸﻒ ﺧﻮﺍﻓﻲ ﺃﻣـــﻮﺭﻙ
ﺇﻳـــــﺎﻙ ﺗﻔﺘﺢ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻙ ﺃﺑﻮﺍﺏ

وهذا البيت هو استهلال رائع للنصح مناسب لوصف سلبيات الصاحب في البداية  فمن اللحصافة أن تكشف سرك على من لايصونه ولاأن تفتح له خوافي مشاعرك وهو الذي لايراعي تلك المشاعر ولايضعها موضع الإكرام، ثم يكمل الشاعر موعظته الجميلة مضمنا أبياتها تصاوير وأوصاف تقرب المعنى:
ﺧــﺬ ﺑﺎﻟـــﺰﻣﺎﻡ ﻭﻻ‌ ﺗﻮﻟﻴــﻪ ﺷــﻮﺭﻙ
ﻳﻨـــﺪﻡ ﻣﻦ ﻳﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺿﺎﻧﻪ ﺃﺫﻳﺎﺏ
ﻻ‌ ﺗﻤـﺪ ﻣـــﺎ ﺑﻴﻨﻚ ﻭﺑﻴﻨﻪ ﺟﺴــﻮﺭﻙ
ﻛﺎﻟﺤـﺮ ﺧـﻠﻚ ﻟﻠﻤﺸـﺎﺭﻳﻒ ﻭﺛـــــﺎﺏ
ﻻ‌ﺗﻨـــﺪﻓﻊ ﺗﺒــﺬﺭ ﺑﺄﺭﺿـــﻪ ﺑـــــﺬﻭﺭﻙ
ﻛﻢ ﺯﺍﺭﻉ ﺑﺄﺭﺽ ﺍﻟﺼﺒﺦ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺧﺎﺏ
هكذا تتغلغل القصيدة في القلب وهي تعيد القلم وتظهر باللون ملامح الصورة.. حتى يتجلى المعنى تماما، وتتفرق الغيوم عن شمس الحقيقة التي لايجب أن يداخلها التباس.. فالخسران والخيبة هو من يودع ضأنه عند الذئب

ﻋﻠﻴـــــﻪ ﻻ‌ﺗﺒﻨـﻲ ﺷﻮﺍﻣــﺦ ﻗﺼـــﻮﺭﻙ
ﺳـــﺎﺱ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻮﺟﺪ ﻋﻨﺪ ﻣﻐﺘﺎﺏ
ﻣﺎ ﻳﻘـﺪﺭ ﺍﻟﻨـــﺎﻗﺺ ﻳﻮﻓﻲ ﻗﺼــــﻮﺭﻙ
ﻭﻻ‌ ﻳﻘـﺪﺭ ﺍﻟﻌــــﺎﺭﻱ ﻳﻐﻄﻴﻚ بثياب..

وهكذا يختم بأبيات شاملة وافية تلخص المعنى وتعطي دلالاتها.. كما تعبر عن وجع مخفي لايصرح به الشاعر لكنك تتلمسه في الأبيات، إذ أن التوجس من الآخر في هذا الزمن أصبح ضروريا في مجتمع الغابة الذي يسود المشاعر..
وقال الشاعر العربي:
تخير لنفسك من تصطفيه
ولاتدنين إليك اللئاما
فليس الصديق صديق الرخاء
ولكن إذا قعد الدهر قاما
تنام وهمته في الذي
يهمك لا يستلق المناما
وكم ضاحك لك احشاؤه
تمناك ان لو لقيت الحماما